الجمعة، 9 أبريل 2021

الغرباء المثاليون

 


نصحني صديق بمشاهدة فيلم Perfect Strangers ، الفيلم أوروبي ، اسباني كما يبدو من اللغة ، وكعادة الكثير من الافلام الاوروبية مؤخراً التي اصبحت تحمل قصة عميقة جداً ، لمن اراد ان ينظر إلى العمق فيها ! ، وقد تكون سخيفة مبتذلة لمن اراد ان يرى الاحداث كما هي فقط .

الفيلم يحكي قصة مجموعة من الأزواج الاصدقاء يجتمعون على العشاء في ليلة خسوف التي تحمل نذير شؤم ، ثم يقترح احدهم ان يلعبو لعبة تنطوي على ان يضع كل منهم هاتفه الجوال في وسط الطاولة وأن يقرأو جميعًا الرسالة الواردة بصوت مسموع ، ويجيبون على جميع الاتصالات بإستخدام السبيكر .

حين رفض بعضهم هذا الاقتراح ترك هذا مجالاُ لأن يجعل الاخرين يشككون فيما قد يخبئونه في هواتفهم ! ، ولكي يحافظو على صورهم امام ازواجهم ، اضطر الجميع إلى قبول الدخول في ذلك التحدي .

تؤدي اللعبة إلى الكشف عن الكثير من الاسرار التي تمكنو من الاحتفاظ بها رغماً عن علاقتهم المستمره لسنوات طويلة ، مما ادى بالتالي إلى حدوث مشاكل كارثية بين الازاوج منهم .

الفيلم عميق جداً كما اعتقد ، فعداً عن فكرة اننا اصبحنا نحمل حياتنا كلها في هواتفنا " الارقام ، المواعيد ، المذكرات ، الكتب ، بطاقات البنك .. إلخ " 

إضافة الى الهوس المجنون بتعلق انظارنا طوال اليوم بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي .

لكن ايضا فكرة إحتفاظنا بأسرار كارثية مخبئة في هذا الجهاز ، حتى يكاد لمسه أو اختراقه يصيبنا بشرخ في منتصف الصدر من شدة الخوف ! 

حاول عزيزي القارئ ان تفكر انك بمنتصف هذه اللعبة ؟ هل ستقبل ان تضع جوالك امام عدد من الاشخاص دون كلمة سر ؟ هل ستتركه على وجهه تاركاً الاشعارات تظهر على الصفحة الرئيسية ؟

حين فكرت فيمن قد ادخل معه هذا التحدي .

وجدت اني قد اغامر باللعب امام شخصين على الاكثر ، او ربما شخص واحد ! 

ولكن ،،

حيث امعنت في التفكير في كل ما اخبأه خشيت من وقع هذه المغامره على من اعرفهم ، مهما كان قربهم ، فقربهم هو المبرر للخوف من خسارتهم .

جميعنا نملك ذلك السر الذي لا احد يعرفه ، ولا نحب ان يعرفه احد بالتأكيد ، كل ما نسمح بخروجه لمن هم حولنا يعتمد على من هم ، ومدى ما يستطيعون الاحتفاظ به ، وكذلك الآمان الذي يمنحوننا إياه ، ومساحة الحرية التي نمتلكها في تلك العلاقة 

لكن المرعب في الامر 

مدى قدرتنا على التمثيل وظهرونا بمظهر الـ Perfect  ، والذي قد يحولنا إلى Strangers بمجرد إنكشاف سرنا امام من هم الاقرب إلينا .

لا اريد ان ادخلكم في جلد للذات .

فهذا كله مًبرر امام طبيعتنا البشرية ، كما ان الخصوصية بها شي من الاغراء لا يمكن مقاومته .

عموما ، 

في احياناً كثيرة تفضل ان تقبل من حولك كما هم ، بوجوههم الظاهرة لك دون ان تعرف عنهم شيئا مما قد يخفونه ، وتستمر بلعبة التجاهل امامهم ، كي تضل الامور على ما يرام دائما :) 

ثقي به ، الجهل والتغابي قد يكون مفيداُ في احياناً كثيرة ..

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

تواصلي معي ارجوك id0n7

Unknown يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
صبا يقول...

من انت ؟