السبت، 24 يوليو 2010

ثلث ساعة وأصل !


قلت لنفسي: ثلث ساعة وأصل، ومنذ عشرين عاماً، وأنا أقول لنفسي، في نفس الوقت تقريباً، في الساعة العاشرة بتوقيت طريق صحراوي موحش، ثلث ساعة وأصل.

ودائماً كان الطريق الوحيد يخترع شيئاً غامضاً ليطول، ولأصل منهكاً بعد وقت طويل، إلى درجة أنني أنسى كل مرة، كل مرة منذ عشرين عاماً كئيبة، ما إذا كانت ثلث ساعة حقاً، أم طريق طويل ملء حيرة وظلاماً ولوحات إرشادية لا يستدل بها أحد.

قلت لنفسي: ثلث ساعة وأصل. وكانت الساعة كاملة في متناولي إلى درجة كان بإمكاني تقشيرها وتجزئتها وأكل بعضها ورمي أو تخزين الآخر.

لولا أن اتصل بي صديقي وعاتب الهاتف المتنقل قائلاً أنني نسيت كعادتي إحضار كتابه، واتصلت أمي وطلبت قليلاً من زيت الزيتون، واتصل صديق آخر وطلب مني إحضار حاسبه المحمول من مركز الصيانة وإبقاءه لدي ريثما يعود (يعود من أين؟)، واتصلت أختي أروى وطلبت فستانها من محل الخياطة القريب.

في كل مرة كانوا يقولون، إنها مجرد دقائق. وكانت دقائقهم تأكل ثلث ساعتي مثلما تفعل منذ عشرين عاماً.عندما وصلت البيت كنت منهكاً. كانت سيارتي محملة بأشياء أكثر قيمة مني ومن العشرين عاماً التي قطعتها قطعاً متساوية من أثلاث الساعة وتركتها خلفي.

الشارع مبلل من مطر متوقف. وأنا منهك وأريد حمل الأشياء مرة واحدة لأريح نفسي من العودة المتكررة.
رفعت يدي وعلقت عليها الفستان الملون وفي اليد الأخرى حملت حقيبة الجهاز المحمول وكيساً يحوي علبة من زيت الزيتون. أردت حمل أشيائي أنا، بقية أوراق المكتب والجريدة التي لم أقرأها بعد. تعثرت بطرف الفستان ووقعت عليه، وقع علي الجهاز المحمول وعلبة زيت الزيتون المكسورة، اختلطت الأشياء بمياه الشارع وألوان الفستان وبصوت بكائي الذي بدأت مباشرة في إطلاقه، كما لا يجب، وكما لا تستحق الأمور، كان صوت بكائي مزمجراً في جنبات الشارع والبيوت القريبة،
الجار المار في هذه اللحظة استوقفه المشهد. وعندما رأى المزيج والفستان وبكائي، هدأني وقال: الأمر لا يستحق.عندما رأيته يعود إلى بيته دون أن يحمل شيئاً،
صحت فيه: أنت لا تعرف شيئاً أيها الغبي، كنت دائماً أحمل أكثر مما يجب!


منصور العتيق

ليست هناك تعليقات: